باب الحارة 4 يجسد حصار غزة وأجواء الحرب الأخيرة على غزة
على ما يبدو أن تفاصيل مسلسل باب الحارة 4 عكست أجواء الحرب الاخيرة على غزة والحصار المفروض عليها .
المتابع لبدايات المسلسل الذي تدور رحاه في إحدى الحارات السورية زمن الاحتلال الفرنسي ، يعيش أجواء حصار غزة وإغلاق المعابر في وجه سكانه دون السماح بدخول أو خروج الأشخاص أو السلع الغذائية .
ولعل المناوشات العسكرية التي دارت بين أهالي الحارة والعسكر أشبه بتلك التي شهدتها أجواء الحرب على غزة وما سبقها من اجتياحات محدودة لمناطق متفرقة في القطاع منذ فرض الحصار مطلع العام 2006 .
ويدور الحديث بين المواطنين الذين يلتزمون منازلهم في تمام العاشرة مساء ، وكأن منعا للتجول فرض على القطاع ، عن مبالغة المخرج السوري بسام الملا بالتفاصيل وكأن حارة الضبع تعيش زمن الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية ، إلا أن المتابعين ربطوا بين تفاصيل أحداث المسلسل وتعمد القائمين عليه ليعكس وقائع ما يدور بغزة المحاصرة .
وفي التفاصيل يظهر جاسوس حارة أبو النار " النمس " يتعقب "المجاهدين" وينقل أخبارهم للاحتلال ، وهو ما ظهر في الأراضي المحتلة عبر زرع قوات الاحتلال وتجنيدها للجواسيس بين المواطنين ، فيما يكون مصيرهم محسوما بالقتل في النهاية كما شهد الجزء الثالث من المسلسل عندما تم تصفية الجاسوس "حمدي" .
ويعيد مشهد نفاد الدقيق والاحتياجات الأساسية من الحارة ، إلى الأذهان ذات المشهد الذي شهده قطاع غزة عندما تهافت المواطنون على المخابز بطوابير طويلة وقت أزمة الدقيق ، والبحث عن الوقود داخل المحطات عندما أوقفت قوات الاحتلال إمداداته للقطاع .
وشكل بحث "أم زكي" عن وقود "كاز" لإنارة السراج ، مواءمة أخرى لما يدور في غزة هذه الأيام حيث الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بسبب نقص إمدادات الوقود لمحطة توليد الكهرباء .
ورغم تعكير أزمة الكهرباء صفو المتابعين للمسلسل ، إلا أن العديد من المواطنين اضطروا لحضوره في أماكن بديلة في منازل أقربائهم ، أو المقاهي المنتشرة في غزة والتي حافظت أن تبث المسلسل بشكل يومي.
وأعاد باب الحارة عادة الحضور الجماعي والالتفاف حول الشاشة التي كادت أن تغيب من المنازل الغزية خلال الفترة الماضية.
ويبدو أن دخول "أبو النار" إلى الحارة عبر ما يسمونها مصارف جر المياه ، وابتكاره لفكره إدخال التموين لأهل الحارة من خلالها ، هو ذات الحل الذي اضطر الغزيون للجوء اليه عبر حفر الأنفاق على الحدود المصرية لتكون بديلا عن المعابر المغلقة ، وإدخال المواد الغذائية واحتياجات الغزيين بعيدا عن سياط الاحتلال .
وتطرق المسلسل إلى حرمان غزة من الدواء ورفض السماح للمرضى بالعلاج بالخارج ، وهو ما جسدته شخصية المصاب "خاطر" الذي يرقد على سرير المرض ينتظر الموت دون السماح له بالعلاج خارج "الحارة".
ويبث مسلسل باب الحارة للعام الرابع على التوالي خلال شهر رمضان ، وتقلد المرتبة الأولى في أعلى نسبة من الحضور ما بين بقية المسلسلات ، حيث شكل نجاحا كبيرا على فترات بثه من كل عام .
وشهد المسلسل انعطافات مفصلية تتمثل في استشهاد وغياب قادة مثل أبو عصام ، والزعيم ، والعقيد أبو شهاب الذين قادوا الثورة ضد الاحتلال الفرنساوي ، وهو ذاته ما يشهده القطاع حيث غاب على مدار فترة الانتفاضة عشرات القادة اثر استهدافهم من قبل قوات الاحتلال.
ورصد موقع"الرسالة.نت " خلال متابعتها لردود فعل المشاهدين افتقاد أطفال غزة كلمات بائع البليلة أبو غالب "بليلة بلبلوكي" الذين اعتادوا تقليده وترديد ذات الكلمات ، فيما تقمصت نساء غزة بعض صفات نساء المسلسل وأصبحن ينادين على أزواجهن " ابن عمي " .
وتعد الحياة الشامية من حيث عاداتها قريبة جدا من تفاصيل الحياة الغزية القديمة ، حيث بات العديد من المشاهدين الغزيين يطلبون "كسر الصفرة" عندما يريدون تناول الطعام .
ويرى الغزيون أنه لم يغب عن كاتب سيناريو المسلسل اختطاف المقاومة في غزة للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط والذي كان سببا في تشديد الحصار على غزة ، حيث تمكن "المقاومون" في حارة الضبع من احتجاز عدد من العسكر الفرنساوي ، وإخفائهم "تحت الأرض" رغم حصار حارتهم.
لكن ما شكل اختلافا ما بين معاناة غزة وتفاصيل أحداث المسلسل أن غزة بقيت وحيدة في حصارها دون من يساندها ، لكن حارة الضبع وجدت من يقف معها ويقاتل بجانبها من خارج الحارة عندما أغارت "جماعة أبو حسن" على العسكر الفرنساوي لمساندة المحاصرين
.
__________________