السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الـذي جعــل الشريعة محتوية علـى
الهدى والشفا والنور ، وأوصل مـن استرشد
بكلامـه وكلام رسوله إلـى كل خير وسرور ،
أحمــده عــلى أوصــافــه الكاملـة وأسمــائـه
الحــسنـى ، وأشكــره عــلى آلائــه الباطنــة
والظاهرة وما لـه من عميم النعمى ، وأشهد
أن لا إلــه إلا الله وحــده لا شــريك لــه فــي
ألوهيته وربوبيته ، ولا نديد لــه في عظمته
وكبريائه ومجده وأحديته ،وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله خير بريته ، اللهم صل وسلم
وبارك عـلى محمــد وعلى آله وأصحابه
القائمين بحقوقه ونصرته . أما بعد :
أيها الناس ، اتقوا الله حـق تقواه ، وتمسكوا
بإرشاد نبيه وهديه وهداه ، فقد قال صلى الله
عليه وسلم « احرص على ما ينفعك واستعن
بالله » رواه مسلــم ، فيــالهمــا مــن كلمتين
عظيمتين جمـع فيهما خيري الدنيا والآخرة ،
لمــن فهمهما وعمل بهما من العباد ، فــأمــا
الحرص والجــد في تحصيــل الأمــور النافعة
فــي المعاش والمعــاد ، وذلك بالاجتهاد فــي
القيــام بعبودية الله التـي خــلق الله المكلفين
لأجلهــا ، وبمــا يعين عــلى ذلك مـن ...ــب
الحلال المساعد عــلى أمــرهـا ، ولا يتم ذلك
إلا بسـلـــوك طــرقهــا النافعــة وأبوابهـــا ،
ولا يحصل إلا بقوة الاستعانة بالله والتوكــل
عـليه ، لا على الأسباب ، بل على مسببها ،
فـلا يفوت أحدا الخير إلا بترك واحد من هذه
الأمور ، إما أن لا يحرص بل يستولي عليه
ال...ل والفتور ، أو يكون حريصا على غير
الأمور النافعة أو لا يستعين بميسر الأمور.
أعظـم الأمور النافعة أن تتعلم ما يقيم دينــك
وعباداتك ومعاملاتك ، وأن تــؤدي الشــرائع
الظاهرة والباطنة مجتهدا فـي تكميل عباداتك
قـائمــا بحقوق الخــالــق وحقــوق الخلــق ،
مستعينا بربك فـي طلب الحلال مـن الرزق ،
فــيا طوبى لمن قوي توكله عــلى ربــه فــي
تيسير أمــر دينــه ودنيــاه ، ويا سعادتـه إذا
شاهد النجاح والفلاح عنـد تمام مسعاه ، إذا
أردت أن تختار عملا نافعا تصلح به دنياك ،
فاسلك الطريق الموصل إليــه برفق واستعن
بمولاك ، فـإنـك إذا حققت التوكل عليه سهل
لك الأمــر ، ويســره وكفـاك ، وإن أعجبــت
بنفسـك ورأيك خذلك ، ووكـــلك إلــى ضعفك
فوهنت قوتك وقواك ، فــلو توكلتم عـلى الله
حق توكله ، لرزقكم كمـا يرزق الطيـر تغدو
خماصا وتروح بطانا ، ولكــن كثيرا منكـــم
يعجب بنفسه فيرهقه وهنا وهوانا وخذلانا،
( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج78
الشيخ : عبد الرحمن السعدي