سماء باهتة، أشجار تتلاشى في مدى مذبوح، وصراخ يصلنا من بين صوت الهدوء الغاضب. لكل من يضحك واقع مؤلم يهرب منه. تلتهمنا آلام الروح، قبل آلام الوريد المقيد. ونداء يصلنا من أعالي السماء، يخبرنا بأن كل شيء بخير ما دام هنالك فرصة أخرى.
تتلاطم أوراق المساء عند حافة الأسرار الدفينة. تعلن أن الفرح قريب بعيد. والحزن مرتقب عند كل لحظة آتية من الغيب المتوشح بألوان المقاعد المحجوزة.
هل من العدل أن نعرف طريق اليأس منذ الآن؟ هل من العدل أن يضعونا على قارعة الطريق، دون أن يعلمونا كيف سنمضي عبر حطام أرواح غيرنا؟ كيف سنمضي والكلمات ينقصها القسوة والأكاذيب؟ كيف لن نحطم وأبواب العشق من زجاج؟ كيف سنبدأ من دون أن نتحدى رهاب البداية؟ كيف ذاك الجهل سكنهم حين قتلوا كل كلمة رفض في أحاديثنا؟
سنعيش في خوف سحيق، بفكرة الجنون الذي يهددنا عند كل وحدة، في كل ذكرى. أرغمونا بكل خبث منهم أن نقطر أرواحنا بأقنعة الكلمات، أن ننسى، أن نحتاج لضجيج العالم أجمع، لإخفاء صمتنا. أن نشرح الأشياء حتى أعماق ضعفها. سمحوا لنا بامتلاك هذه القلوب الخاطئة بإيمانها بالحب والحياة. زرعت الأوهام في بريق عيوننا.
ذاك هو قدر شاعر يشرح معان لم يسمح لقلبه أن يختبرها. يتوجب على هذا القلب أن يعرف الفراق، الموت، والأشلاء. مضطر لذلك حتى تبقى كما عهدت خيالك. لن تعرف سوى معان معذبة، خالية من إلا من توحد الألوان، وصرخات الجحيم، وألحان الأحزان. ليس من السهل أن ترتاح بعد هذه الوحدة المميتة. في زمن أصبحت فيه الحياة أكثر صعوبة من الاستسلام. في زمن اعتقالات الذات، مضطر أنت أن تسكت انصهار الخوف عن الحقائق الأكثر وضوحا من سبب ضمور رغبتنا بالحياة.
نفتح النوافذ، كي لا يصلنا البعد من بلاد الأحلام. ابق عينيك أيها الحلم بعيدا عن فكر أحادي التركيب بشكل معقد. لا تسمح لذكائك أن يصل لبلاد الشموع الساكنة. ابق متخفيا خلف سوادك، حتى لا تعرف طريق الأبواب الموصدة لقلب سرابي، لا مكان له في رذيلة المواد.
فلتعلم أني لن أصدق حتى شكوى احتضارك. لأن ذلك الدمار يريحه قتل أحبابه، لأنه ببعدهم يعرف الطريق الوحيد للتخلص من التزامه بهم، لأن كل الأحاديث باتت متزينة بسذاجة البلهاء، لأن إعادة الأشياء المنقولة إلى مكانها يعني تضييعها.
ببصماتك المحترقة، وصوت غربتك المتجمد، سترزق بسنين الموت المخلص من هذه الحياة
تحياتي