يلزم الإمام عند المسير تعاهد الخيل والرجال ، فلا يدع فرساً حكيماً وهو ال...ير ولا قحماً وهو الكبير ولا ضرعاً وهو الصغير ولا هزيلاً يدخل معه في أرض العدو ، ويمنع المخذل والمرجف وهو الذي يقعد الناس عن الخروج والقتال كقوله الحر أو البرد شديد أو المشقة شديدة والمرجف هو الذي قول لا طاقة لنا بالكفار وهو قويون أو لهم مدد وصبر واشباه ذلك ، ولا يأذن لمن يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بالفساد بينهم ولا لمن يعرف بالنفاق لقوله تعالى : ( فإن رجعك الله إلى طائفة منهم ) الآية وقوله تعالى : ( لو خرجوا فيكم ) الآية .
ويجوز أن يأذن لمن اشتد من الصبيان لأن فيهم معونة ، ويمنع النساء إلا طاعنة في السن تسقي الماء ومعالجة الجرحى لحديث أنس في غزو أمه ونسوة معها صحيح الترمذي ، فإن قيل : فإنه صلى الله عليه وسلم يخرج بمن يقع عليه القرعة وقلنا تلك امرأة واحدة للحاجة ويجوز مثله للأمير عند حاجته ولا يرخص لغيره لئلا يفضي إلى استيلاء العدو عليهن .
ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة لما روى الزهري أنه استعان بيهود فأسهم لهم رواه سعيد ، وخرج معه صفوان قبل إسلامه .
ويستحب الخروج يوم الخميس لقول كعب : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر إلا يوم الخميس ، ويرفق بهم في السير فيسير بهم سير أضعفهم فإن دعت الحاجة إلى الجد في السير جاز لفعله صلى الله عليه وسلم حين بلغه كلام عبد الله بن أبيّ ( ليخرجن الأعز منها الأذل) ، ليشغل الناس عن الخوض فيه . ويعد لهم الزاد ويقوي أنفسهم بما يخيل إليهم من أسباب النصر ، ويعرّف عليهم العرفاء وهو أن يجعل في كل طائفة مقدماً عليهم ينظر في حالهم ، ويعقد لهم الألوية والرايات ، ويجعل لكل طائفة لواء ، ويغير ألوانها ليعرف كل طائفة رايتهم ، ويجعل لكل طائفة شعاراً يتداعون به لئلا يقع بعضهم على بعض ، ويتخير لهم المنازل ويحفظ مكانها لئلا يؤتوا منها ، ولا يغفل الحرس ليحفظهم من البيات ، ويبعث العيون إلى العدو لئلا يخفي عليهم أمرهم ، ويمنع الجيش من المعاصي ، ويعد ذا الصبر بالأجر والنفل ويخفى من أمره ما أمكن إخفاؤه ، ويشاور ذا الرأي ، ويصف جيشه لقول : ( كأنهم بنيان مرصوص ) ويجعل في كل جنبة كفؤاً لها ، ولا يميل مع قريبه ويراعي أصحابه .
ويقاتل أهل الكتاب والمجوس حتى يسلموا أو يعطوا الجزية لقوله في المجوس : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " ولا نعلم خلافاً في ذلك ، فأما من سواهم فلا يقبل منهم إلى الإسلام وفيه اختلاف . ومن بلغتهم الدعوة جاز قتالهم من غير دعاء وإلا دعوا قبل القتال لحديث بريدة ادعهم إلى الإسلام ، وأمر علياً أن يدعو أهل خيبر وقد بلغتهم الدعوة .
ولا نعلم خلافاً في أنه يجوز له أن يبذل مالاًَ لمن يدله على ما فيه مصالح المسلمين ، وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة دليلاً ، فإن كان من مال الكفار جاز أن يكون مجهولا لأنه صلى الله عليه وسلم جعل لسرية الثلث والربع .
وله أن ينفل في البدأة بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعده وذلك إذا دخل الجيش بعث سرية تغير وإذا رجع بعث أخرى فما أتت به أخرج خمسة وأعطى السرية ما جعل لها وقسم الباقي للجيش والسرية معاً وبهذا قال جماعة من أهل العلم ، وعن عمروا بن شعيب : لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعله احتج بقوله : ( الأنفال لله والرسول ) ، وقال ابن المسيب ومالك : لا نفل إلا من الخمس ، وقال الشافعي : من خمس الخمس ، ولنا حديث مسلمة : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة ، وفي لفظ أنه كان ينفل الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس إذا قفل رواهما أبو دواد ، وعن جرير أنه لما قدمه عمر في قومه قال له : هل لك أن تأتي الكوفة ولك الثلث بعد الخمس من كل أرض وشيء؟ . وذكر مكحول حديث حبيب بن مسلمة لعمروا بن شعيب حين قال : لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : شغلك أكل ال...يب بالطائف ، وما ثبت له صلى الله عليه وسلم ثبت للأئمة بعده ما لم يقم دليل التخصيص .
ولا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث والربع نص عليه وهو قول الجمهور ، وقال الشافعي : لا حدَّ للنفل ، هو موكول إلى اجتهاد الإمام لأن في حديث ابن عمر أنه نفل نصف السدس ونفل مرة الثلث ومرة الربع وما ذكره يدل على أنه ليس لأقله حد ونحن نقول به على أن هذا مع قوله أن النفل من خمس الخمس يناقض ، وسئل أحمد : للأمير أن يعطي رجلا رأساً من السبي أو دابة؟ قال: إذا كان رجل له غناء ونفائل ذلك أنفع له يحرضه هو وغيره . وقال : إذا نفل الإمام صبيحة مغار الخيل فيصيب بعضهم وبعضهم لا يأتي بشيء فللوالي أن يخص بعض هؤلاء الذين جاءوا بشيء دون هؤلاء . وظاهرة من غير شرط . وحجة هذا حديث سلمة حين أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فاتبعتهم فأعطاني سهم الفارس والراجل رواه مسلم وحديث تنفيل أبي بكر له المرأة . فإن قال : من فعل كذا فله كذا جاز في قول الأكثر ، وكره مالك هذا وقال : قتالهم على هذا الوجه للدنيا وقال : لا نفل إلا بعد إحراز الغنيمة ، وقال : قوله : " من قتل قتيلاً فله سلبه " بعد أن برد القتال ، ولنا تنفيل الثلث والربع وما شرط عمر لجرير على أن يأتي الكوفة ، وقوله بعد ما برد القتال جوابه أن ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات . والنفل لا يختص بنوع من المال ، وقال الأوزاعي : لا نفل في الدراهم والدنانير لأن القاتل لا يستحق شيئاً منها فكذلك غيره ، ولنا حديث الثلث والربع وهو عام ، وأما القاتل فإنما نفل السلب فلا يستحق غير ما جعل له ، قيل لأحمد : إذا قال من رجع إلى الساقة فله دينار والرجل يعمل في سياقه : الغنم ، قال : لم يزل أهل الشام يفعلون هذا ، قيل له : فالإمام يخرج السرية وقد نفلهم جميعاً فلما كان يوم المغار نادي من جاء بعشرة رءوس فله رأس ، قال : لا بأس . قيل نفلين في شيء واحد؟ قال : نعم ما لم يستغرق الثلث .
قال أحمد : والنفل من أربعة أخماس الغنمية : هذا قول أنس بن مالك وفقهاء الشام . قال أبو عبيد : الناس اليوم على هذا . قال أحمد : كان ابن المسيب ومالك يقولان : لا نفل إلا من الخمس فكيف خفى عليهما هذا مع علمهما .
وقال طائفة : إن شاء نفلهم قبل الخمس وإن شاء بعده ، وقال أبو ثور : النفل قبل الخمس واحتج من ذهب إليه بحديث ابن عمر : كانت سهمانهم اثنى عشر بعيراً فنفلوا بعيراً بعيراً . ولنا حديث معن " لا نفل إلا بعد الخمس " رواه أبو دواد ، وحديث حبيب : كان ينفل الربع بعد الخمس ، وحديث جرير " لك الثلث بعد الخمس " ولقوله تعالى : ( واعملوا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) الآية يقتضي أن يكون خارجاً من الغنمية وحديث عمروا بن شعيب عن نافع عن ابن عمر قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد وانبعث سرية من الجيش فكانت سهمان الجيش اثنى عشر بعيراً ونفل أهل السرية بعيراً بعيراً إذ كانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيراً فيمكن أن يكون نفلهم من أربعة الأخماس دون البقية ويتعين حمله على هذا لأنه لو أعطى جميع الجيش لم يكن ذلك نفلاً وكان قد قسم له أكثر من أربعة الأخماس وهو خلاف الآية والأخبار ، وكلام أحمد في أن النفل من أربعة الأخماس عام ، ويحتمل أن قوله من جاء بكذا فله كذا أن يكون من الغنيمة كلها ، وكذلك يحتمل أنه في زيادة بعض الغانمين على سهمه ويكن من خمس الخمس المعد للمصالح ، والمذهب الأول لأن عطيه سلمه سهم الفارس زيادة إنما كان من أربعة الأخماس . وإذا بعث سرية فنفلها الثلث أو الربع فخص به بعضهم أو جاء بعضهم أو جاء بعضهم بشيء فنلفه ولم يأت بعضهم بشيء فلم ينفله شارك من نفل لم ينفل نص عليه لأن هؤلاء إنما أخذوا بقوة هؤلاء .
ويلزم الجيش طاعة الأمير والنصح له والصبر لقوله تعالى : ( وأولي الأمر منك ) ولا يجوز لأحد أن يخرج من العسكر لتحصيل علف أو حطب ولا يبارز ولا يحدث حدثاً إلا بإذن الأمير لقوله تعالى : ( وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا ) الآية ، وتجوز المبارزة باذنه في قول عامة أهل العلم إلا الحسن فإنه كرهها ، ولنا أن الصحابة يبارزون في عصره صلى الله عليه وسلم وبعده فلم ينكر فكان إجماعاً ، ورخص فيها مالك والشافعي بلا إذن الأمير لأن أبا قتادة بارز رجلاً يوم حنين فقتله ولم يستأذن وكذلك غيره لم يعلم منهم استئذان ، ولنا أن الإمام أعلم بفرسانه وفرسان عدوة ويفوض ذلك إليه لجبر قلوب المسلمين و...ر وقلوب الكافرين وأبو قتادة رأى رجلاً يريد قتل رجل فضربه بعد التحام الحرب وليس هذا هو المبارزة ( بل هي أن يبرز رجل بين الصفين قبل التحام الحرب يدعو إلى المبارزة ) فإن دعا كافر إليها استحب لمن يعلم من نفسه القوة أن يبارز ، ويباح أن يطلبها ابتداء ، وتكره للضعيف الذي لا يعلم من نفسه ذلك . فإن شرط الكافر أن لا يقاتله غير الخارج إليه فله ذلك لقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) ويجوز رميه قبل البراز إلا إن جرت العادة بأن من خرج لا يعرض له كالشرط ، فإن أنهزم المسلم أو اثخن بالجراح جاز الدفع عنه بقتال الكافر خلافاً للأوزاعي ، ولنا أن حمزة وعلياً أعانا أبا عبيدة . وتجوز الخدعة في الحرب للمبارز وغيره لقوله : " الحرب خدعة "
واستحقاق سلب القتيل للقاتل لا نعلم فيه خلافاً في الجملة. ويستحقه كل من يستحق السهم أو الرضخ ، وللشافعي فيمن لا سهم له قولان ، ولنا عموم الخبر ، وقال مسروق والأوزاعي : إذا التقى الزحفان فلا سلب ونحوه قول نافع وغيره ، ولنا العموم ولأن أبا قتادة وأبا طلحة إنما أخذا الأسلاب بعد أن التقى الزحفان . قال أحمد : السلب للقاتل في المبارزة لا يكون في الهزيمة ، فإن رماه من الصف فلا سلب له ، وكذلك إن أدركه منهزماً فأعطى سلبه ، وقال أبو ثور وابن المنذر : السلب لكل قاتل لعموم الخبر وحديث سلمة ، ولنا أن عبد الله وقف على أبي جهل فلم يعطه سلبه وأمر بقتل عقبة والنضر ولم يعط سلبهما من قتلهما وإنما أعطاه من يبارز بنفسه وكفى المسلمين شره ، والمنهزم بعد الحرب كفى المسلمين نفسه والذي قتله سلمة متحيز إلى فئة . ولا يخمس السلب وبه قال الشافعي وابن المنذر ، وقال ابن عباس : يخمس وبه قال الأوزاعي ومكحول لعموم الآية ، قال اسحق : ان استكثره الإمام خمسه وذلك إليه لما روي عن عمر في سلب المرزبان رواه سعيد ، ولنا حديث عوف وخالد رواه أبو داود ، قال الجوزجاني : لا أظنه يجوز لأحد في شيء سبق من الرسول فيه شيء إلا ابتاعه والسلب من أصل الغنيمة ، وقال مالك من خمس الخمس ، ولنا أنه لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم جعله منه ، ولأنه لو فعله لاحتيج إلى معرفة قدره ، ويستحق السلب وإن لم يقله الإمام وبه قال الشافعي ، وقال الثوري : لا يستحق إلا أن يشرطه الإمام ، وقال مالك : لم نر أن نقوله إلا بعد انقضاء الحرب ، وجعلوه من الأنفال لقوله : " لا تعطه يا خالد : وقول سعيد لبشير في سلب العلج نفلناه إيها ولأنه دفع إلى أبي قتادة من غير بينة ، ولنا قوله : " من قتل قتيلاً فله سلبه " وهذا من قضاياه المشهورة التي عمل بها الخلفاء بعده ، وقوله : " لا تعطه يا خالد " عقوبة حين أغضبه عوف بتقريعه خالداً بين يديه ، وقول سعيد نفلناه سماه نفلاً لأنه زيادة على سهم ، وأما أبو قتادة فإن خصمه اعترف له به لكن قال أحمد : لا يعجبني أن يأخذه إلأ بإذن الإمام ، وقال الشافعي : له أخذه بلا إذن . وإن قتله اثنان فسلبه غنيمة وقيل بينهما ، ولنا أنه لم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم قضى به لاثنين . وإن اشتركا في ضربه وكان أحدهما أبلغ في ضربه من الآخر فسلبه له وقال : كلا كما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمروا . وإن أسره وقتله الإمام فسلبه غنيمة ، وقال مكحول : لا يكون إلا لمن قتله أو أسره ، ولنا قصة عقبة والنضر ، وإن قطع يده ورجله وقتله آخر فسلبه غنيمة ، وقيل : للقاطع لأنه عطله ، وقيل : للقاتل لعموم الخبر ، وإن عانق رجلاً فقتله آخر فالسلب للقاتل وبه قال الشافعي ، وقال الأوزاعي : للمعانق ، ولنا العموم وقصة أبي قتادة ، ولا يقبل إلا ببينة ، وقال الأوزاعي : يقبل بلا بينة لقصة أبي قتادة ، ولنا قوله : " من قتل قتيلاً " الحديث ، وأبو قتادة أعطى لا عتراف الخصم . وسلبه ما لبسه وسلاحه . فأما المال الذي معه وهميانه فليس منه ، وقال الشافعي : ما لا يحتاج إليه في الحرب كالتاج والسوار ليس منه ، ولنا أن البراء بارز المرزبان فقتله فبلغ سواره ومنطقته ثلاثين ألفاً فخمسه عمر فدفعه إليه ، فأما الدابة فعنه ليست منه . وذكر حديث عمرو بن معدي كرب بأخذ سواره من منطقته يعني ولم يذكر الدابة ، وعنه أنها منه وبه قال الشافعي لحديث عوف في غزوة مؤتة ، ويجوز سلبهم وتركهم عراة وكرهه الثوري وابن المنذر ، ولنا قوله لسلمة له سلبه أجمع . ويكره نفل الرؤوس المثلة والتعذيب قال الزهري : لم ينقل إليه صلى الله عليه وسلم رأس قط ، وحمل إلى أبي بكر فأنكره ، وأول من حمل إليه الرؤوس ابن ال...ير .
ومن أعطى شيئاً ليستعين به في غزواته فما فضل فهو له ، وكان ابن عمر إذاً أعطى شيئاً في الغزو يقول لصحابه إذا بلغت وادي القرى فشأنك به ، وإن أعطاه لغزو مطلقاً أنفقه في غزاة أخرى ،وقال أحمد : لا يترك لأهله منه شيئاً إلا أن يصير إلى رأس مغزاة فيكون كهيئة ماله فيبعث إلى عياله منه . وإذا أعطى دابة ليغزو عليها فإذا غزا عليها ملكها لأن الذي باغ فرس عمر إنما كان بعد الغزو إلا أنه لا يأخذه منه ويبيعه في الحال ذكر أحمد نحو هذا ، قيل له فحديث ابنه : إذا بلغت وادي القرى فشأنك به ؟ قال : ابن عمر يصنع ذلك في ماله وهذا قول أكثر أهل العلم ، قال ابن المنذر : لا أعلم أن أحداً قال : إن له أن يبيعه في مكانه ،وكان مالك لا يرى أن ينتفع بثمنه في غير سبيل الله إلا أن يقول شأنك به ما أردت ، ولنا أن حديث ابن عمر ليس فيه هذا الشرط .
وإن دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام فغنيمتهم كغيرهم هذا قول الأكثر للآية ، وعنه هو لهم من غير أن يخمس وبه قال أبو حنيفة لأنه اكتساب مباح كالاحتطاب ، وعنه لا حق لهم فيها هي للمسلمين ، والأولى أولى . وإن كانت الطائفة لهم منعة ففيه روايتان أصحهما تخمس والباقي لهم .
ولا يتزوج في أرض العدو إلا أن يخاف أن تغلبه الشهوة فيتزوج مسلمة ويعزل ، قال شيخنا : هذا فيمن دخل أرضهم بأمان فان كان في جيش المسلمين فله التزوج . فأما الأسير فلا يتزوج وإذا اشترى منهم جارية فلا يطأها في أرضهم لئلا يغلب على ولدها . وأجمعوا ـ إلا من شذ ـ أن الغزو إذا دخلوا أرض الحرب أن لهم أن يأكلوا من طعامهم ويعلفوا دوابهم من علفهم ، وقال الزهري : لا تؤخذ إلا بإذن الإمام .
ولا يجوز لبس الثياب ولا ركوب الدابة لحديث رويفع مرفوعاً " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلين حتى إذا أعجفها ردها فيه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه " رواه سعيد ، ونقل المروزي لا بأس أن يركب دابة ولا يعجفها .
ولا يجوز الانتفاع بجلودهم ولا الخيوط ولا الحبال وبه قال الشافعي ، ورخص مالك في الإبرة والحبل يتخذ من الشعر والنعل والخف يتخذ من جلود البقر ، ولنا قوله في كبة الشعر " نصيبي منها لك " وقوله : أدوا الخيط والمخيط " ألخ . وإن كانت كتبهم مما ينتفع به ككتب اللغة والشعر فغنيمة ، وإن كانت مما لا ينتفع به وأمكن الانتفاع بجلودها فهو غنيمة .
فإن فضل من الطعام شيء فأدخله البلد فإن كان كثيراً رده في المغنم بغير خلاف ، وإن كان يسيراً فله أكله وبه قال مالك ، وعنه يرده وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر والشافعي في أحد قوليه لقوله : " أدوا الخيط والمخيط " قال أحمد : أهل الشام يتساهلون في هذا . قال الأوزاعي : أدركت الناس يقدمون بالقديد فيهدي بعضهم إلى بعض لا ينكره إمام ولا عامل ولا جماعة . وإذا اجتمعت المغانم وفيها طعام أو علف لم يجز أخذه إلا لضرورة . فإذا دعت الحاجة إلى القتال بسلاحهم فلا بأس ، وذكر أحمد قول عبد الله أخذت سيفه يعني أبا جهل فضربته به حتى برد . ولأنهم أجمعوا على أن يلتقط النشاب ويرمي بها العدو وهو أبلغ .
وفي ركوب الفرس روايتان إحداهما: يجوز : يجوز والثانية : لا يجوز لحديث رويفع .